هل يخلع الصومال معطف اليأس؟

هل يخلع الصومال معطف اليأس؟ - جلال الشرعبي

تنتطر الحكومة الصومالة غداً آخر بعد توقيع إتفاقية مصالحة وطنية منبثقة من مؤتمر مقديشو برعاية العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز. الاتفاق الذي وقع في جدة الأحد الماضي مثل نقلة نوعية في حياة الصوماليين مثلما الأمر بالنسبة للحكومة الصومالية التي كانت تعيش لحظات يأس بسبب غياب إستراتيجية عربية في الصومال.
قبل اكثر من خمسة أشهر، وتحديداً في 18 ابريل الماضي العدد 99 من «النداء» كتب تحت عنوان «الصوماليون بانتظار مبادرة سعودية» متكئاً على عديد حيثيات ومسببات تقدم الرياض كمؤهل للعب دور في الصومال، إحداها أن المملكة تحظى بقبول من الصومال ولم تكن يوماً طرفاً في أزماته. وثانيها أنها تملك الثقل الاقتصادي واللياقة الدبلوماسية بعد أن أصبح أي دور لـ«مصر» غير مقبول لدى الصوماليين الذين أصبحوا يصنفونها كطرف في الازمة وليس الحل، بعكس المملكة العربية السعودية التي مازال العديد من الشواهد كالمساجد والمدارس والشوارع معاني للحضور السعودي في الصومال.
وثالثاً فإن الحضور اليمني والقبول الذي يحظى به لدى الفرقاء الصوماليين سينصب تجاه مساندة ومباركة الدور السعودي.
أهمية إتفاق جدة تكمن في أن هناك مشاركين من قيادات المحاكم الاسلامية وابرزهم المسؤول المالي اثناء فترة المحاكم، نجل رجل الأعمال ابو بكر عمر عداني. وهناك تطورات تحتاج الى قراءة متأنية، أولها أن المحاكم الاسلامية التي برزت ككيان سياسي مسلح وذي نفوذ، قد تجاوزت هذا المسمى ليعلن في «أسمرة» عن إنشاء «التحالف من اجل تحرير جديد للصومال» برئاسة شيخ شريف شيخ أحمد.
وان هذا الأمر يعني وفاة «المحاكم الاسلامية» كتسمية وتنظيم.
وثانيها أن الحكومة الصومالية التي ستعود الى مقديشو لإكمال المصالحة لن تواصل مشوارها هذه المرة بجيوب خاوية من المال وستكون حركتها مبنية على نقاط واضحة شملها إتفاق جدة.
وثالثها أن طي صفحة الماضي ونزع سلاح الميليشات وإعادة الحقوق المنهوبة الى اصحابها والعمل من اجل صياغة دستور صومالي فيدرالي موحد مع مواصلة الحكومة الإنتقالية فترتها حتى نهاية العام 2009 بسلام، جميعها نقاط ذات أهمية بالغة في حل المشكلة الصومالية.
ورابعها أن العتاب الذي كان يتسلل بين الحين والآخر لدول النفط ووقوفها متفرجة إزاء ما يجري من مآس إنسانية في الصومال ازالت «الرياض» بعضاً منه. وبحس الدبلوماسي الفطن جاء التدخل في اللحظات المناسبة حد تعبير الرئيس الصومالي عبدالله يوسف. على أن وجود ارادة دولية يبقى الأهم وإلا لتحول الأمر الى ما يشبه النزال العربي في الصومال: ستتحول «ليبيا» إلى قناة لضخ المال للمعارضة الصومالية في أسمرة نكاية بالسعودية، وستظهر مصر وقطر كلاعبين في الميدان الصومالي.
لقد وصف العاهل السعودي الاتفاق بـ«التاريخي المشرف» وشدد على الإلتزام ببنوده،في الوقت الذي قال الرئيس الصومالي عبدالله يوسف إن الرعاية السعودية لإتفاق المصالحة «طوق النجاة لإنقاذ الصومال في وقت كان الجميع يتفرج وما من مغيث إلا أنتم».
 مازال الطريق طويلاً لا شك، وما زالت في الواقع تحديات عديدة. غير ان التحدي الأكبر يبقى في الإلتزام بما تم التوقيع عليه في «جده»؛ فهل يخلع الصوماليون معطف اليأس؟