خولان الآن

خولان الآن - محمد الشبيري

لو لم يفنّد "المصدر المسؤولـ" حكاية الخيواني والتمثيلية التي لعب فيها دور البطل الذي يستطيع تصوير حفل العرس كما لو كان "حادثة اختطاف" في صورة درامية يعجز عن تقمصها ممثلو هوليود المشهورة، ونسي أن يستدل المصدر بامتطاء الخيواني لصالون مطموس الأرقام حتى لا يعترض طريقه جماهيره ومحبي فن التمثيل الذين كان يكتظ بهم شارع الزبيري وقتذاك.
المصدر، ولحصافته، تحرّى الدّقة تماماً ولم يمض سوى "سويعات" حتى جاء بالخبر اليقين وبيّن للناس مدى زيف ادّعاء السيّد عبد الكريم الخيواني واتهامه للسلطة وللنظام الحاكم باختطافه، في حين أن الحقيقة تقول إن الخيواني "ضيف" عند قبائل خولان في عرس أحد الزملاء الصحفيين في "النداء"، واختلق هذه الحكاية ليلفت نظر الناس إليه ويلمّع صورته ولو كان ذلك على حساب راحته ووقته!!
ولسوء حظ المصدر فإن الوقت لم يكنْ "ساعة عودي" وإلا لكان قال المصدر: "إن القات الذي خزّن به الخيواني" قوي جداً "ما اضطره للتفكير بمثل هذه الحيلة وتجرأ على محاولة بتر، ومن ثمّ اكتفى بـ"كسر" إحدى أصابعه، بس المشكلة في أن الوقت الذي حدثت فيه (الاختطاف/ التمثيلية) لم يكن وقت قاااااااات"!
الخيواني شكله "ضبح" من الكتابة ولهذا يريد أن يتخلّص من أصابعه حتى يكون مبرراً له أمام الناس فيما إذا طالبوه بتبنّي قضاياهم والكتابة عن همومهم، وما حيلة من ليس لديه أصابع يكتب بها؟!
المشكلة أننا لطالما سمعنا بمثل هذه المصادر المسؤولة ولا يُعلم هل هو من الداخلية أم من سوق عنس أو من حراج الصافية، المهم مصدر مسؤول ومطلع ومتابع لشؤون الناس وقضاياهم ومهمته تكذيب كل ما لم يمجّد الطغيان ويشهد له بـ"الوطنية والوحدوية"، وما عدا ذلك تمثيليات وكروت للاستهلاك فقط.
خطيرٌ هذا الخيواني. كيف يجره تفكيره إلى مثل هذا؟! كيف ينغّص على زميله العريس فرحته ويحولها إلى مأتم وضجيج ومستشفيات وإسعافات وبلاغات؟ لماذا هو كذلك؟
وطبقاً لما يراه المصدر المسؤول فإن الخيواني لا يحبذ المكث في بيته، ويعشق السجن، بل ربما كان الأشخاص الذين هجموا عليه في بيته وأخذوا جهازه وأوراقه و"الكاميرا الحمراء اللي في غلاف أسود". وأودعوه السجن هم من زملائه في النقابة، وأشك في سعيد ثابت ومروان دماج لكون الأخيرين هما من رتّب دخوله إلى المستشفى بعد انتهاء فصول التمثيلية. لكن المصدر المسؤول لم يتنبه لها في المرّة السابقة واعتبر الرواية صحيحة ولم يدرِ أن هذا الخيواني "ممثلـ" يفكر ويخطط ويحبس نفسه ويفجع أولاده ويكسر إصبعه ويضيّع كاميراته وأوراقه و"لا ظهر النظام يا خيواني".
الخيواني حاقد على النظام ويدعم الحوثيين وله صلة بخلية صنعاء، لكنه مع ذلك "ممثلـ" بارع ويملك "كاريزما" مؤثرة في الجمهور، ولم يؤثر خوض الحروب وأعمال العنف والتخطيط لتفجير المنشآت على أعماله الفنيّة من مثل مسرحيته الأخيرة "خولان الآن" وهي من أروع ما قدمه خلال مسيرته الفنية، إذْ كشف "عورة" النظام القائم وزيف مصادره "اللامسؤولة" وأثبت أن الصحفي وإنْ كان أعزلاً فإن "سبابته" لن تشهد بـ"وحدانية الحاكم" في ظل نظام جمهوري قام على جماجم أبناء اليمن وسقوا بدمائهم الطاهرة تراب هذا الوطن ليتخلّص من حكم الفرد، وذهب في سبيل تثبيته فلذات أكباد هذا الشعب ليأتي اليوم من يرى أحقيته في اختزال كل شيء وتبنّي كل شيء رغم حرمة التبنّي في ديننا الإسلامي الحنيف!
كسر الأصابع وتحطيم وسرقة الكاميرات وحبس الصحفيين لن تثني رجال السلطة الرابعة عن مهامهم، فهم يعلمون مسبقاً أن مهنتهم "مهنة المتاعبـ" ولذا فلا داعي لأن يتعب الآخرون أنفسهم مع من اختاروا نهج المتاعب طريقاً لهم، عبثاً ما يصنع أولئك الحاقدون على الصحفيين... وقل موتوا بغيظكم!
shubiriMail